في فيلم “أم الأكاذيب كلها”، نغوص في رحلة شخصية لمخرجة مغربية شابة تقرر مواجهة ماضيها من خلال إعادة تمثيل حيّها في الدار البيضاء على خشبة مسرح. الفيلم، الذي صدر في عام 2024، يعتمد على أسلوب وثائقي درامي يمزج بين الواقع والخيال، حيث تستعين المخرجة بأفراد عائلتها وأصدقائها للمساعدة في كشف الأكاذيب التي بنيت عليها طفولتها.
تبدأ القصة بفكرة بسيطة: إعادة بناء الحيّ الذي نشأت فيه المخرجة، بكل تفاصيله الصغيرة والكبيرة. هذا الحيّ، الذي يمثل جزءًا كبيرًا من ذاكرتها، يصبح مسرحًا للأحداث التي شكلت شخصيتها. ومع تقدم عملية إعادة التمثيل، تبدأ الأكاذيب في الظهور تدريجيًا، لتكشف عن حقائق مؤلمة ومخفية.
الفيلم لا يقتصر على كونه مجرد استعراض للأكاذيب، بل يتعداه إلى استكشاف عميق لتأثير هذه الأكاذيب على العلاقات الأسرية. كيف يمكن لكذبة صغيرة أن تتسبب في شرخ كبير في العائلة؟ وكيف يمكن للذاكرة أن تكون مشوهة وغير دقيقة؟ هذه هي الأسئلة التي يطرحها الفيلم بجرأة وصراحة.
من خلال استخدام تقنيات سينمائية مبتكرة، تخلق المخرجة جوًا من الغموض والتشويق يجذب المشاهد ويدفعه للتفكير في طبيعة الحقيقة والذاكرة. الفيلم يعتمد على شهادات حقيقية من أفراد عائلة المخرجة وأصدقائها، مما يضفي عليه مصداقية وقوة تأثير.
“أم الأكاذيب كلها” هو فيلم يلامس الروح ويثير المشاعر. إنه دعوة للتفكير في أهمية الصدق والشفافية في العلاقات الإنسانية، وفي ضرورة مواجهة الماضي بكل ما يحمله من ألم وفرح. الفيلم يعتبر إضافة قيمة للسينما الوثائقية العربية، ويسلط الضوء على قضايا اجتماعية وثقافية مهمة.
الفيلم ينجح في تقديم قصة مؤثرة وشخصية بطريقة فنية ومبتكرة. إنه ليس مجرد فيلم وثائقي، بل هو عمل فني يعبر عن تجربة إنسانية عميقة ومؤثرة. من خلال هذا الفيلم، تثبت المخرجة أنها موهبة واعدة في عالم السينما، وأن لديها الكثير لتقدمه.
في النهاية، “أم الأكاذيب كلها” هو فيلم يستحق المشاهدة والتأمل. إنه فيلم يدعونا إلى التفكير في حياتنا وعلاقاتنا، وفي الأكاذيب التي قد نكون قد بنينا عليها حياتنا. إنه فيلم يذكرنا بأهمية الحقيقة والصدق في بناء عالم أفضل.
